هل ستغتاب احدا بعد ان تقرأ قصة المعلمة الحكيمة؟؟؟


الغيبة والنميمة




دخلت المعلمة لصفها وألقت السلام على طالباتها .. كان يلوح بفكرها لهذا اليوم مشروع مميز وحكمة تغرسها في عقول صغيراتها لظاهرة متفشية بمجتمعنا.. ظاهرة لم يع المجتمع خطورتها وأهميتها...
بدأت المعلمة درسها بابتسامة وطلبت من الفتيات أن تجلسن في مجموعة مستديرة ..
تناولت من حقيبتها مجموعة من القصاصات الورقية قسم منها اسود والآخر ابيض وقامت بتوزيع القصاصات البيضاء على الفتيات ووضعت القصاصات السوداء وسط المجموعة... ثم طلبت من الفتيات أن تفتحن نقاشا معينا وكان هناك شرط وهو أن تراقب حديث كل منهن... المطلوب من الفتيات ألا تتكلمن أي كلام جانبي عن أي إنسان أو شخص... ولكل زلة لسان يطلب من الفتاة تبديل ورقة بيضاء بورقة سوداء وتنتهي اللعبة بحال انتهت الأوراق البيضاء لدى أول طالبه... وبالفعل قامت الفتيات بتنفيذ الواجب ... رغم انهن لم يفهمن مضمون اللعبة وهدفها... وتبادلن أطراف الحديث .. تلك تكلمت عن زميلتها فسحبت منها الأولى.. وتلك ذكرت جارتهم فسحبت الأخرى هكذا حتى خسرت إحداهن جميع أوراقها... وهنا قامت المعلمة وسحبت الأوراق من الفتاه ووقفت أمامهن جميعا وقالت بصوت حازم:
هل تعلم كل منكن إلى ماذا ترمز هذه القصاصات السوداء؟؟
نظرت كل منهن للاخرى بتعجب.. ثم سألن: إلى ماذا معلمتي؟؟!!
فقالت المعلمة: كل ورقة سوداء أخذتها كل منكن هي سيئة حطّت عن كل إنسان ذكرتموه بغيبة ونميمة ودخلت بحسابكن وكل ورقة بيضاء هي حسنة أخذها هذا الإنسان منكم ودخلت لحسابه... لذا وكما حاولت كل منكن ألا تخسر في هذه اللعبة وحافظت على أوراقها البيضاء.. عليكنّ كذلك أن تحافظن على حسناتكن وان تحسبن لكل كلمة تلفظنها حساب حتى لا تمتلئ صحيفتكم بالصفحات السوداء لمجرد زلة لسان أو طعنة كلام!!!..
وهنا بدأت موضوع درسها الذي هو بعنوان"الغيبة والنميمة"
أشارت بقلمها إلى دفترها الصغير وقالت ما موقف كل منكن إن حصلت معها مثل هذه المواقف؟؟؟
وأردفت... ماذا لو سـافرت إلى بلد بعيد وتحملت مشاق السفر وعند الوصول للحدود أعادوا لك الجواز وقالوا : " ليست لديك تأشيرة دخول!!" بماذا تشعر كل منكن؟؟!
هنا ثارت الفتيات بعبارات ملؤها الغضب والحزن والتأثّر إذ انه موقف غير مقبول عليهن!!
فابتسمت المعلمة وقالت: فما بالكن بالحرمان من دخـول الجنة بكلمة تهتك بها مؤمنا تجعله لا يرفع رأسه أمام الناس إلى الأبد ؟
تلفتت الفتيات بتعابير الدهشة والتفكير من مواقف حقا لم تقدرن عواقبها سابقا , فقامت المعلمة بمتابعة كلامها قائلة... يبدو أن مفهوم كلامي بدأ بإصابة هدفه ووصل إليكن !!
وتابعت .. ماذا لو قامت كل منكن بمكالمة هاتفية دولية لخارج البلاد... كيف تتصرفن؟؟ ... قالت الاولى: أختصر قدر الإمكان وأتكلم المفيد فقط .. وقالت الأخرى: أتكلم عما يجب أن أتكلم به ولا أتطرق لما لا يفيد..
وعندما سألت لماذا تقمن بهذا؟؟!!
كانت إجابتهن: " خوفا من فاتورة الهاتف إذ أنه لكل كلمة معيارها "
هنا ابتسمت المعلمة مجددا وهي تهز برأسها قائلة : إذا .. تتكلمن بالمفيد وباختصار خوفا من فاتورة الهاتف.. فلماذا لا تخفن من فاتورة يوم الحساب التي هي أعظم وأهم؟؟!! إذ أن كل كلمة تنطقن بها تسجّل عليكن وتدخل ضمن حسابكن ...!!
وهنا أيضا انقلبت ملامح بعضهن.. مطرقات ومفكرات بما ذكرت المعلمة!
وتابعت المعلمة كلماتها كزخات المطر.. قائلة: إذا يا فتياتي... كيف لو أصبحت سياسة البنوك أن تحول من رصيد أصحاب الغيبة لمن يتكلمون عنهم؟؟ أيهون عليكن تعبكن وأموالكن ليأخذها غيركم على طبق من ذهب؟؟!! إذا..كيف تهون عليكن حسناتكن التي تعبتن وانتن تجمعن بها ليأخذها غيركن ببساطه؟؟!! وكيف تغضبن إذا سرق احدهم منكن شيئا تعبتن بتحصيله و ترضين أن تسرق حسناتكن هكذا بدون أي تردد أو غضب او محاسبة للنفس؟؟!!
أفسحت المعلمة مجالا للفتيات بالتفكير قليلا.. ثم تابعت كلامها قائلة: هل رأيتن يا عزيزاتي كيف أن أسهل أنواع الذنوب فعلا هي أكثرها حصادا للسيئات وذهابا للحسنات.. إذ أنها تكون في كل جلسة... في كل محادثه... في كل مكالمة.. دون أن تشعرن!!
ألم تسمعن بقولة صلى الله عليه وسلم :" إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة
بصلاة وصيام وزكاة .. ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا واكل مال هذا
وسفك دم هذا وضرب هذا.. فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته
قبل أن يقضى ما عليه اخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار..!!"

و ألم تسمعن بقولة تعالى:
(ولا يغتب بعضكم بعضـًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتـًا فكرهتموه ، واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم)

أتدركون هذا؟؟ أما تخيلتم هذا المشهد فعلا!!! ...
عندها قامت بفتح حاسوبها النقال وعرضت الشاشة وفتحت لهم هذا المقطع الذي زادهم دهشة وتفكر وغرس فيهم بعض القشعريرة ...



أنهت المعلمة حصتها هذه وملامح الرضا تظهر على وجهها إذ أنها رأت أن ما قدمته إلى هنا لفتياتها أثّر فيهن وزرع فيهن مبدءا وهدفت ولم مواعظ عابرة كأن لم تكن!
سعت للتغيير والإصلاح وهي اليوم تنتظر نتائج دروسها على الأمد البعيد بحياة طالباتها وبحياتك أنت قارئنا الكريم

والسلام عليكم

اختكم

~ شـمــ ~ القدس ~ ــعة ~

2 Responses
  1. بوركتِ غالتيي على نقلكِ للقصة
    قصة جميلة تحمل بين طياتها العبر والوعاظ الكثيرة
    حياكِ الله
    جعله الله في موازين حسناتك
    فعلا هناك الكثير من لا يهتم لمثل تلك الامور
    ولا يلقِ لها بالا


  2. حياك الله اختي الغالية وجزاك الله كل خير
    بالفعل قصة جميلة وتحوي المعاني
    وليتنا نطبقها دائما
    جزاك الله خيرا
    ولكني نسيت ان اخبركم انها من تأليفي وليست منقولة :)


إرسال تعليق

  • الق نظرة وتأمل

    الق نظرة وتأمل
    دعوة للعين لتسترسل الى الروح وتشغل الخيال لتبني من الصورة اطيافا لم تكتب على جدران الاوراق

    ~ زارونا فـ حيّاهم الله ~

    أرشيف المدونة الإلكترونية

تعريب وتطوير حسن